عام على البرلمان| كثير من اﻷزمات والخلافات.. قليل من التشريع والرقابة

كتب: أحمد الجيار

فى: أخبار مصر

18:15 06 يناير 2017

 أيام تفصل مجلس النواب الحالي عن مرور عامه الأول تحت قيادة رئيسه علي عبدالعال، ليشهد صعود قوي وخفوت أخرى، ومواقف مؤثرة وأخرى لم تكن على المستوي المطلوب، ولكن الحصيلة النهائية للبرلمان تزخر بالخلافات والمجادلات والوقائع أكثر مما تجود بالتشريعات والقوانين والرقابة.


 وانحصر عمل البرلمان في عام كامل من خلال التركيز على ثلاثة عناوين رئيسية: "الأزمات، الرقابة، التشريع" كأضلع لمثلث شاهد على كم كبير من التفاعلات والمشكلات والأزمات والمواقف وحزم القوانين، والسجالات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.


 أولا فيما يخص الأزمات: فهى تنقسم إلى أزمات مرت على البلاد وكان البرلمان عضوا فاعلا فيها، أو الأزمات بين نواب البرلمان بعضهم البعض:

 

الإرهاب:
الوقوف "400 دقيقة حداد" جملة ساخرة بأحد الأفلام الكوميدية، ولكنها تحققت على أرض الواقع في برلمان 2016، والذي واصل نوابه بين الحين والآخر، الوقوف دقيقة حداد على شهداء سيناء أو العريش أو الهرم أو الكنيسة البطرسية أخيرا، فحوادث الإرهاب أثارت استنفار واسع داخل البرلمان طوال الفترة الماضية، وتطلبت عشرات الاجتماعات للجان البرلمان المختلفة، الدفاع والأمن القومي والتشريعية والدستورية والدينية، وحقوق الإنسان.

 

وأعلن البرلمان عن إدخال تعديلات على 4 قوانين متعلقة بقضايا الإرهاب، وهى قانون الإجراءات الجنائية، والكيانات الإرهابية، وحالات الطعن بالنقض، ومكافحة الإرهاب.


الدولار وتعويم الجنيه:
 عشرات من الاجتماعات التي عقدها البرلمان الحالي منذ تأسيسه خاصة بقضايا الموازنة ومشكلات الاقتصاد، واستقبلت اللجنة الاقتصادية التي يرأسها الوزير السابق علي المصيلحي عشرات من ممثلي الحكومة منذ اللحظات الأولى لبداية أعمالها، وعجز النواب طوال فترة عام كامل على وضع "روشتة محكمة" لإنقاذ الاقتصاد ، ورغم لجوئهم لتمرير مجموعة من القرارات الحكومية الخاصة بالاقتصاد، كقوانين الخدمة المدنية والقيمة المضافة وحزم ضخمة من القروض لمختلف الدول والبلدان، إلا أنهم لم يجدوا مفر من الاصطدام بـ"تحرير سعر الصرف" وتعويم الجنيه، إضافة إلى قروض صندوق النقد الدولي، لتشكل أزمة القفزات الجنونية للدولار الأمريكي مقابل الجنية المصري أحد أكثر المشكلات المزمنة المطروحة على مائدة نواب الشعب، منذ عام كامل.


تيران وصنافير:
 أحد أكثر الملفات العالقة حتى اﻵن هى اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والتي تم توقيعها في زيارة تاريخية لملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز في إبريل الماضي، وبحسب النصوص الدستورية يتوجب عرض الاتفاقيات المماثلة على نواب البرلمان لإبداء الرأي فيها وتحديدا لجنة الشئون التشريعية والدستورية، إلا أن الأمر الذي أثار جدلا واسعا في أوساط سياسية وشعبية وإعلامية، لم يلق أي أصداء داخل أروقة البرلمان.


السكر والدواء:
 خلال وجود برلمان ممثلا للشعب شهدت البلاد أزمة طاحنة في عدد من السلع الغذائية وعلى رأسها "السكر"، والذي اختفي من الأسواق وترتفع أسعارة 500% لتنتفض لجان البرلمان وتطالب الحكومة بشن الحملات الرقابية وتشديد متابعة الأسواق، وأعلنت اللجنة الاقتصادية بالبرلمان عن تجهيزها لقانون حماية المستهلك، والذي لاتزال مناقشاته جارية حتى اللحظة.

 

ولاحت في الأفق أزمات مشابهة في قطاع الدواجن إلا أن البرلمان استطاع فرملة مساعي الحكومة لرفع الجمارك عن الدواجن المستوردة، لتدخل البلاد بعدها مباشرة في أزمة نقص للأدوية الحيوية والهامة، ويقوم رئيس المجلس ورؤساء اللجان النوعية باستدعاء عدد كبير من الوزراء، سواء بالمجموعة الاقتصادية أو وزير الصحة، وبعد مناقشات ومداولات مطولة استغرقت شهور من العام الأول للبرلمان، لايزال السكر في حالة اختفاء تام من الاسواق، وأوشكت الحكومة على إعلان زيادات علي الأدوية قد تصل إلي 50%.


 ريجيني:

أثارت واقعة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني ضجة كبري بمصر، ولاسيما مجلس النواب في فبراير الماضي، حيث لم يمر أسابيع على عمر مجلس النواب، والذي انتفض أعضاؤه للتعقيب على الحادث والتعاطي معه، وتنوعت ردود أفعالهم واستجاباتهم البرلمانية من حيث طلبات الإحاطة والمداخلات بالكلمة حول الحادث.


 شكل البرلمان المصري مع تصاعد الأزمة لجنة برلمانية ضمت لجان الدفاع والأمن القومي والعلاقات الخارجية وحقوق الإنسان، لمناقشة أزمة ريجيني ومحاولة احتوائها، وعقدت اللجنة عدة اجتماعات وأوفدت مجموعة من نواب البرلمان إلى إيطاليا لتصحيح الموقف، لتسفر الجهود في مجملها عن "لا شئ"، ولم يكن هناك تقدم يذكر في هذا الشأن من جانب البرلمان.


توفيق عكاشة وسري صيام:
 بعد الأزمات التي مرت بها البلاد، يأتي دور الأزمات الداخلية التي عاني منها المجلس ونوابه، وكان أول المغادرين لصفوف النواب، المستشار المخضرم سري صيام رئيس محكمة النقض السابق والذي فجر مفاجأة واسعة بإعلانه استقالته من المجلس بعد أسابيع قليلة من أنعقاده، وذكر العضو الذي وصل إلى صفوف النواب عبر ترشيح رئاسي له كنائب معين: أنه عاني من التهميش وعدم إطلاق الفرص أمامه والاستفادة من خبراته.


 كما ان النائب المثير للجدل توفيق عكاشة تم الإطاحة به من صفوف النواب وإسقاط عضويته، وذلك عقب لقائه السفير الإسرائيلي حاييم كورين في منزله أواخر فبراير الماضي، لتثار أزمة واسعة داخل المجلس واعتراضات وصلت إلى حد إعتداء النائب كمال أحمد عليه بالحذاء خلال الجلسة العامة، ليتم وقف أحمد دور تشريعي كامل ومنعه من حضور الجلسات، وإسقاط عضوية عكاشة نهائيا.


تصعيد عمرو الشوبكي:
تأتي أشهر الأزمات الداخلية  على الإطلاق أزمة عدم تصعيد الدكتور عمرو الشوبكي لعضوية البرلمان رغم حصوله على حكم من محكمة النقض يؤكد أحقيته بمقعد البرلمان، إضافة إلى التقرير الذي أعدته اللجنة التشريعية واستعانت فيه بالحكم وأكدت فيه أيضا على أحقيته بالتصعيد للبرلمان، إلا أن هذا الحكم لم ينفذ رغم حصول الشوبكي عليه قبل نهاية دور الانعقاد الأول وتحديدا في يوليو الماضي.


مرتضى منصور:
 لم يكف النائب مرتضى منصور عن إثارة الجدل تحت قبة النواب منذ الدقائق الأولى خلال الجلسة الإجرائية الأولى من عمر المجلس، شهدت مشادة بينه وبين النائب خالد يوسف؛ لعدم التزام “منصور” بالقسم الدستوري –الذي خالفه-، فاعترض عليه النائب خالد يوسف فرد منصور، قائلًا: "مين سمحلك تتكلم؟ عليا الطلاق ما أنا حالف، أنا هقسم لكم اليمن اللي أنتوا عاوزينه، بس في نيتي القسم الأول اللى متمسك بيه”.


 بعدها دخل منصور في سجالات جانبية عديدة، بدأت مع النائب علاء عبدالمنعم القيادي بائتلاف الأغلبية "دعم مصر"، بسبب تمسك الأخير بحكم النقض الذي يقضي بإخراج نجل منصور لدخول الدكتور عمرو الشوبكي، ثم دخل منصور في معارك مع النائب هيثم الحريري بلا أسباب واضحة، ودخوله صدام عنيف مع النائب محمد عطا بعد أن اتهمه مرتضى بانتمائه لجماعة الإخوان المحظورة قبل أن يرد عطا : «أنا إخوان وأنت بتجيب حريم».

 


النائب السادات:
 وتعرض النائب أنور السادات إلى هجوم لاذع من أعضاء البرلمان ورئيسه الدكتور علي عبد العال، على خلفية ما تردد حول لقاءات السادات بسفراء دول أجنبية وعرضه لمشروع قانون الجمعيات الأهلية لحثها على رفضه، الأمر الذي دعا البعض إلى التكهن بأن السادات قد يلحق بمصير سابقه توفيق عكاشة وتسقط عضويته حال تطور الأزمة.

 


وكيل البرلمان وزعيم الأغلبية:
 نشب خلاف حاد بين الوكيل الثاني لمجلس النواب سليمان وهدان ورجل الأعمال وزعيم الأغلبية البرلمانية تجت القبة محمد السويدي، وذلك بسبب انتقادات حادة وجهها الأول للائتلاف الذي يرأسه الثاني، وقال حينها السويدى، إن نواب الائتلاف لا يقبلون الإهانة أو التعرض لهم أو التشكيك في نواياهم، وذلك قبل أن يتدخل نواب مخضرمين لتقريب وجهات النظر بين الطرفين وعدم تصاعد الأزمة أكثر من ذلك.

 

 

ثانيا "محور الرقابة":
بحسب المادة 1011 من الدستور، فإنه إلى جانب تولي مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، فإنه يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.


 وبالرصد والمتابعة للدور الرقابي للمجلس طوال عام كامل فهو لم يرتق للمستوى المطلوب، ويخلو إلا من مجموعة من اللجان الخاصة بتقصي الحقائق، التي نجحت الأكثر فاعلية من بينهم في إزاحة وزير التموين السابق خالد حنفي، بسبب فساد هائل بقطاع القمح، دون أن يتم محاسبته وأي من المسئولين عن إهدار أموال قاربت المليار جنيه.


لجنة تقصي حقائق القمح:
نجح البرلمان في تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول فساد منظومة توريد القمح، وقد عقدت ٨٥٥ اجتماعا وقامت بـ ٩ زيارات ميدانية لمواقع مختلفة سواء شونا وصوامع وبناكر، و أعدت تقريرها النهائي في ١٥ يوما واستغرقت اجتماعاتها ٥٨٢ ساعة، ورفعت اللجنة تقريرا كاملا لها عن فساد مالي في هذا القطاع إلا أن رئيس المجلس لم يحل هذا التقرير إلى محكمة الجنايات أو النيابة العامة، وظهر مؤخرا وزير التموين خالد حنفي بأحد البرامج الحوارية الشهيرة، دون أن يتأثر بمجمل أعمال اللجنة أو ماصدر عنها من توصيات.

 

لجان السيول:
 استيقظت البلاد في أواخر أكتوبر الماضي على سيول ضربت محافظات البلاد الحدودية، وخلفت ورائها قتلى ومصابين، وتطلبت تدخل من القوات المسلحة لإنقاذ الأهالي في محافظات البحر الأحمر وقنا وسوهاج، ليتحرك البرلمان على الفور ويقوم بتشكيل لجنة موسعة ترأسها النائب مصطفى بكري، والذي رفع تقريرا شاملا عن تقصير حكومي وتقاعس من المسئولين التنفيذيين، ولم يتم اتخاذ أي إجراءات بعدها سواء من الحكومة أو البرلمان.


لجنة مجدي مكين:
 مع بداية دور الانعقاد الثاني للبرلمان، هزت واقعة مقتل مواطن قبطي على يد ضابط شرطة بقسم الأميرية، ليقوم البرلمان بتشكيل لجنة من أعضاء لجان حقوق الإنسان والدفاع والأمن القومي وعدد من نواب دائرة القاهرة، وتوجهوا لمواساة أهالي الضحية القبطي، ودراسة ومعاينة القسم، ثم خفتت المسألة ولم يتم توجيه أية اعتراضات رسمية أو شفوية سواء لوزارة الداخلية أو الحكومة.

 

ثالثا: الدور التشريعي:
 بعكس ما يشاع عن تمرير البرلمان عشرات ومئات القوانين إلا أن على أرض الواقع وبدون احتساب الاتفاقيات الجاهزة التي تحال من الرئاسة أو الحكومة، فإن القوانين الهامة التي مررها البرلمان تتلخص في التالي:

 

قانون الجمعيات الأهلية:
 وافق مجلس النواب، بالأغلبية على مشروع قانون الجمعيات الأهلية، بعد الأخذ بملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة، وقال الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، عقب الموافقة النهائية على القانون، إنه تلقى رأي قسم التشريع والفتوى بمجلس الدولة بشأن مشروع القانون، مؤكدًا أن حجم الأموال التي تعمل بها الجمعيات الأهلية تبلغ 60 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن جميع البعثات الدبلوماسية ملتزمة باحترام سيادة الدولة وعدم التدخل فيها بشكل مباشر أو غير مباشر.


قانون نقابه الإعلاميين:

وافق مجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبدالعال وبأغلبية ثلثي أعضائه، على مشروع قانون نقابة الإعلاميين، وقال عبدالعال خلال جلسة التصويت، إن خروج هذا القانون بما يحتويه من مواد ما هى إلا تحية للإعلاميين في مصر.

 

قانون بناء الكنائس:
بحسب تعبير رئيس البرلمان فإن البلاد انتظرت هذا التشريع لمدة 1500 عام، وقد أقره البرلمان في الجلسة قبل الأخيرة من نهاية دور الانعقاد الأول، وسط تصاعد الاتهامات والمشاجرات التي صاحبت مراحل ظهور القانون للنور، وتكمن أهميته في إنه خلافا على ما كان معمولا في السابق، استبعدت مواده البالغة "10" شرط موافقة الجهات الأمنية على طلبات بناء الكنائس في البلاد.



قانون القيمة المضافة:
 عرفت الحكومة في مشروع القانون الذي تقدمت به "القيمة المضافة" كضريبة استهلاكية غير مباشرة يحصلها المصنعون أو التجار من المستهلكين كجزء من سعر بيع المنتج، وتسدد لصالح خزانة الدولة، ووعدت بجني عائد يذهب إلي خزينة الدولة يقدر بنحو 30 مليار جنيه تساهم في سد عجز الموازنة.


 عزز "القيمة المضافة" الذي صدق عليه البرلمان مخاوف من ارتفاعات متواترة في الأسعار خاصة في ظل ارتفاع معدل التضخم إلى 14% وهو أعلى معدل منذ 7 سنوات، ليأتي القانون اتساقا مع توجه حكومي لتطبيق برنامج إصلاح اقتصادي سيتيح لها الحصول على مساعدات وقروض أبرزها قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات.


الخدمة المدنية :
 فتح هذا القانون عواصف الجدل والسجالات الحادة تحت القبة بمجرد طرحه للنقاش خلال الأسابيع الأولى من عمر البرلمان، وتبرز اهمية "الخدمة المدنية" من ارتباطه الوثيق بقطاع "موظفي الدولة"، تم رفض القانون خلال إحدى الجلسات الشهيرة في بداية أعمال المجلس، ليتم إعادته للتعديل بلجنة "القوى العاملة" مره أخرى، وصدوره في نسخة معدلة.


الموازنة العامة:
 يعد مشروع قانون "الموازنة العامة" أحد أبرز القوانين التي أقرها البرلمان وتقدمت به وزارة المالية، وقد أثار جدلا واسعا بسبب عدم تمويل قطاع الصحة والتعليم بالدعم المقرر بالدستور، ليوافق رغم ذلك مجلس النواب على الموازنة العامة للدولة دون تعديل، باستثناء إضافة موازنة الصرف الصحي ومياه الشرب إلى موازنة الصحة، للالتزام بالنسبة المحددة للدستور للإنفاق على هذا القطاع.


واستهدف مشروع القانون نموا في الموازنة العامة للدولة نسبته 5.2% مقارنة مع 4.44% في السنة المالية الحالية و4.2% في 2014-2015، كما توقعت الموازنة الجديدة انخفاض نسبة العجز إلى 9.8% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 11.5% في كل من السنتين الماليتين السابقتين.

 

زيادة تأمينات ومعاشات العسكريين:
 هو القانون الذي تسبب في المشادة الشهيرة بين رئيس البرلمان علي عبدالعال ورئيس لجنة حقوق الإنسان محمد أنور السادات، وذلك عقب تساؤل الأخير عن السند القانوني الذي يركن إليه العسكريين في الجمع بين المعاشات والوظائف المدنية، ليثور عبدالعال في وجه السادات مطالبا إياه بالوقوف إجلالا عند الحديث عن "القوات المسلحة".


رؤساء وملوك تحت قبة البرلمان:
شهدت قبة البرلمان خلال المائة يوم الأولى من انعقاده زيارة لـ٣٣ رئيسا وملكا  هم: رئيسا العراق والصين، والملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، كما استقبل البرلمان 16 سفيرا لدول مختلفة، و9 وفود برلمانية.

اعلان